كيف تبدأ عملك في مجال التصميم في الأردنّ؟ وكيف توسِّعُ نطاقَه؟

فارس عطيات
قد تواجهُك تحدِّياتٌ عدَّة في مجال التصميم عند اتِّخاذِ قرارِ البدء بعملك الخاصّ. لذا عليك التفكير في بعض الأمور قبل اتِّخاذ هذه الخطوة، مثل التفكير في التكلفة التشغيليَّة لعملك، وكيفيَّة استقطاب العملاء وتأمين الأمور المحاسبيَّة والقانونيَّة. فعندما تتخطَّى هذه التحدِّيات، يصبح الأمر أسهل.

عند البدء ببناء عملك الخاصِّ في مجال التصميم، عليك التفكير في كيفيَّة استقطابِ العملاء. الخطوة الأولى التي عليك القيام بها هي إعداد محفظة أعمال (پورتفوليو) لعرض أعمالك، حتَّى لو اضطُررْتَ إلى إعداد عيِّناتٍ من التصاميم لعلامات تجاريَّة لا تعمل معها، أو اضطُررتَ إلى تنفيذ أعمالٍ مجَّانيَّة تُضيفُها إلى محفظة أعمالك. في النهاية، حين تذهبُ إلى العميل المحتمَل، سيطلبُ الاطِّلاعَ على عيِّنةٍ من عملك وإنجازاتك، ولا يمكنك التسويق لأمر غير موجود. ومن أفضل النصائح التي يمكنني تقديمها هو أن تتعامل وكأنَّك تعيش الآن ما تطمح إلى الوصول إليه في المستقبل. فحين بدأتَ العمل في شركتي ‘‘وكالة تريد مارك للدعاية والإعلان’’، كنتُ أقدِّمُها على أنَّها شركةٌ متوسِّطةٌ قائمة.

في البداية، عليك البدء بخُطَّة العمل، وهي ليسَتْ بالأمر الهيِّن. عليك أن تبحثَ أوَّلًا وتطَّلعَ على خُطَطِ عمل عدَّة وعلى بنيتها، وذلك بالبحث على محرِّك البحث غوغل، ثمَّ عليك أن تفكِّر في الخدمات التي ستقدِّمُها، وكيف يجب أن تختلفَ هذه الخدمات عن تلك المتاحة في محيطك، وكيف عليك أن تجدَ سوقَك المتخصِّصة وتركِّزَ عليها. فلو لم يكن هناك أيُّ اختلاف في الخدمات التي تقدِّمها، لن يجد العملاء قيمةً لديك. عليك بعدها التفكير في الدخل المستهدف بناءً على إمكاناتك وقدراتك وما تهدف إلى جَنيِه شهريًّا في بداية عمل شركتك، مع وَضْع رؤية شركتك بعد خمس سنوات، ورسالتها، وقِيَمها الجوهريَّة.

بعدها عليك أن تفكِّر في طريقة التسويق لنفسك: هل ترغب في اسمٍ للعلامة التجاريَّة أم تريد التسويق لنفسك باسمك الشخصيّ؟ يعتمد هذا على طموحك، وأين ترى نفسَك مستقبَلًا، فهل ترى شركةً كبيرةً بموظَّفين متعدِّدين واسمٍ مستقلّ؟ لا يوجد صوابٌ وخطأ؛ فالجواب مختصر وسهل. ليس هناك فرقٌ كبير، لكنَّ عليك اختيار ما يُريحُك، وما يناسبُ شغَفَك، وما يقدِّمُ ما هو مختلف في بلدك. ويمكنك دَومًا تغيير قرارك عندما تكبر في عملك. الخطوة التالية التي عليك الانتباه إليها هي الأسعار، وهو ما تحدِّدُه خبراتك السابقة وإمكاناتك الحاليَّة. أيضًا، لا يوجد صوابٌ وخطأ هنا؛ فمن الممكن أن تبدأ بسعرٍ أقلَّ وترفعه مع الوقت لدى بناء خبرةٍ أكبر. ويمكن أن تكتسبَ خبرةً قبل أن تبدأ، فيكون سعرُك مرتفعًا لتعملَ بمستوًى مختلف، وعليك أيضًا عند تحديد سعرك أن تبحثَ عن منافسيك وأسعارهم، ومقارنتها بالأسعار التي ترغب في طلبها.

بعد ذلك عليك اختيار مناصريك ومناصِري عملك؛ فهُم مَن سيتكلَّمون عنك وينشرون عملَك ليصلَ إلى أكبر عددٍ من الناس. قد يكونون موظَّفيك أو زملاءك أو عملاءك أو أقاربك أو أصدقاءك. ومن ثمَّ، سيكون عليك التفكير في الكيفيَّة التي ستجد بها العملاء لتحاولَ اجتذابَهم. وهنا عليك أن تعملَ على علاقاتك الشخصيَّة ومهاراتك في مجال العلاقات العامَّة. عليك حضور الفعاليَّات والندوات والأماكن التي قد يحضر فيها العملاء الذين تريد العمل معهم. احرصْ أن تكونَ متاحًا على الإنترنت، وأن يكون لديك موقعٌ إلكترونيّ، وصفحاتٌ على مواقع التواصل الاجتماعيِّ لتسهِّلُ على الناس التواصل معك، أو مشاركة أعمالك، أو عمل ‘‘منشن’’؛ فبذلك تستطيع الوصول إلى الشركات والعملاء المعنيِّين الذين تطمحُ إلى اجتذابهم للعمل معك. ويمكنك التسجيل أيضًا في المنصَّات الخاصَّة بالأعمال الحرَّة المتاحة على الإنترنت.

اتبع النصائح قبل البدء بعملك لتبدأ بخطواتٍ ثابتةٍ ومدروسة، وتزيدَ فرصتَك في النجاح.

بعد البدء بعملك، هنالك مبادئ عدَّة عليك التزامها، حيث إنَّ كثيرين لا ينجحون بسبب إهمالها. أوَّلها هو تسليم العمل في الوقت المحدد، فلو تغاضَيتَ عن هذا الأمر، ستكونُ نقطةً سوداءَ حول اسمك، وستخسرُ عملاءك. ثانيًا، التواصل الإيجابيّ؛ فنحن المصمِّمين نتعامل مع عملنا بحساسيَّة، ولا نحبُّ أن تُرفَض أعمالنا أو تتعرَّض للنقد. لكن علينا أن نتخطَّى هذا الأمر؛ لأنَّنا نعمل مع عملاءَ تختلفُ طريقة تفكيرهم عن طريقة تفكيرنا.

لتأمين نفسك محاسبيًّا وقانونيًّا، اطلبْ دفعةً أولى مع إرسال فواتير قانونيَّة. ولا تتَّفق بالتواصل الشفهيِّ أو على تطبيق واتساب أو ما شابَه، بلِ اجعَلْ كلَّ تعامُلاتك موثَّقةً بالإيميل؛ حتَّى تستطيع العودة إليه وإثباته، وهو أيضًا معتمَدٌ قانونيًّا. عليك أيضًا وَضْع شروط خاصَّة بالدَّفْع، مثل مواعيد تسليم الدفعات وتقسيمها، وأسلوب الدفع- شيكات أو كاش أو إيداع بنكي- لكن احرص أن يكونَ أسلوبُ الدَّفع سهلًا على العميل، ولا تصعِّبِ الأمر أو تعقِّده.

بعد كلِّ مشروع، اطلبْ رسالةَ توصية عن تجرِبة العمل معك، لتستخدمَها في استقطاب العملاء المستقبليِّين. وعندما تصبحُ علاقتُك قويَّةً بأحد العملاء، اطلب أن يُحيلَك على عملاء آخرين، ومساعدتك في الحصول على أعمالٍ أُخرى.

ومن أهمِّ النصائح هي أن تطلبَ كلَّ المعلومات التي تحتاج إليها للتصميم؛ لأنَّه غالبًا ما تكون لدى العميل فكرةٌ مسبَّقة عمَّا يريده، لكنَّه قد لا يتمكَّنُ من التعبير عنها. لذا فعملك أن تحاولَ الحصول على كلِّ المعلومات عن كيفيَّة تفكيره والأسلوب الذي يفضِّله. يمكنك أيضًا عرضُ بعضِ الأمثلة من الإنترنت لتقرِّبُ له الصورة، وتفهمَ رغبتَه بصورةٍ أفضل. عليك معرفة لغة التواصُل الخاصَّة به، والألوان التي يفضِّلها، والعلامات التجاريَّة التي يحبُّها ويرغب أن يكونَ مثلها. قدِّمْ للعميل أكثر من خيار للعمل ليختارَ من بينها، واترُكْ بابَ التواصُل مفتوحًا مع العميل لأيِّ أسئلة قد تراودُك في أثناء العمل، وبادِرْ دونَ الانتظار منه أن يخبرك ما عليك فعله؛ فبهذا سيشعرُ بأنَّك شريكٌ مهتمٌّ بالعمل، ولستَ مصمِّمًا تسعى إلى الربح فحسب.

في النهاية، هناك نجاحٌ وهناك فشل، لكنَّ عليك معرفة الفرق ما بين الفشل وعدم تحقيق النجاح من المرَّة الأولى. اجعَلْ هدفَك هو عدم الاستسلام؛ لأنَّ كلَّ تجرِبةٍ تُعدُّ فرصةً للتعلُّم وللتَّحسين مستقبلًا. لا تسمحْ للإحباط بأن يتسلَّل إليك، ولا تسمحْ لأي شخص بأن يؤثِّرَ فيك سلبًا، واتبَعْ شغفَك وقلبَك؛ لأنَّ ما تفعله هو شغفك وتعبك أنت، وسيكون في النهاية نجاحك أنت فقط.